انتبه إليها وهي تسقط في زحام الأتوبيس، تردد قليلا،
التفت حوله في اضطراب، حبس أنفاسه فزادت من خفقات قلبه.. أجهد نفسه ليكون
طبيعيا.. تسللت يده والتقطتها ودست بها في جيبه وأنفاسه تتسابق ربما لتخرج
من هذا الجسد الذي لا يشرفها أن تبقى فيه..
ظل قابعا وعيناه زائغتان، فربما رآه أحد.. شعر بجرمه في
عيون الناس، تثاقل جسده وأدرك الأتوبيس سجنا..
راح يتعجل ألثوان التي لبت النداء، أخيرا توقف الأتوبيس.. لم تنتظر ساقيه
إذنا، فانطلقت تطوي الأرض، بعيدا خارج المحطة.. نزل في محطة غير محطته..
كان جد مرتبك، يشعر وكأن الناس يشيرون إليه وكأن كل
متحدثان يتحدثان عنه.. جنح إلى أحد الطرق الفرعية حيث تكن الحركة قليلا،
ثم أخرج الحمل الذي أثقل كاهله.. أخرج (الحافظة).. فإذا بها خاوية مفتوحة
الطرفين، لم يتمالك نفسه من الضحك فانطلقت منه ضحكة عالية جعلت بعض المارة
تلتفت إليه باستنكار.. لم يأبه بهم، وراح يتنفس الصعداء، وكأنه يعوض بعضا
من تلك الأنفاس التي فقدها من قبل
.بقلم: محمد صالح رجب