الأنصـار بين الماضي والحاضـر:
سـلْ جانب الخيـف عن أخبـار ليلتنــــا
واستخـبر الكُتْبَ عن أمجـاد ماضينا
تخبـرك سـيرة خير الخلق عن نفـــــــر
كـانوا لدعوته في الأرض تمكينـــــا
وسَـلْ حُديبيـة عن سـرِّ بيعتنــــــــــــــا
وكيف كنـا الأشـدَّاء المحامينــــــا
وسَـلْ جِعِـرَّانةً عن سهـم عُصبتنــــــــا
ألم يكـن سهمنا خيرَ النبيينــــــــا؟
فإنْ تناسـى بنوا الإسـلام موقفنـــــــــــا
شعـاب مكـةَ لا تنسـى ليالينـــا
000 000 000
وإنْ مـررتَ على بَـدْرٍ ستسمعهـــــــــا
تعيـد ذكـرى أحاديث المُفَدِّينـــا
وسوف يأتي صـدى سعْــدٍ وقولتِــه:
لو خُضْتَ بحرا فخوْضُ البحر يُغْرينا
إنَّـا لَمِـن معْشـرٍ عنـد الوغى صُبُـــــــر
عنـد اللِّقـا صُـدُقٍ زُرْقٌ عوَالينــــا
فمـرْ بنـا يا رسـول الله وارْمِ بنــــــــــا
وقَـرَّ عينـا ولا تخـشَ المعادينـــا
وسـلْ قُبَــاءَ عن الأنصار إذ سمعــــوا
بهجـرة المصطفى شوق المحبيـنا
سَـلِ العقيـق و سَلْعاً ثمَّ سـلْ أُحُـــــداً
والحَرَّتَيْـن وسَلْ عنَّـا البساتينا
سَـلْ كـلّ ذَرَّةِ رمْـلٍ في مدينتنـــــــا
عـن المـآثر عن أمجـاد ماضينـــا
فإنْ تنـاسى بنـوا الإسـلام نُصْرَتَنــا
فطَيْبَـةُ النصر لا تنسى أيَادِينـــــــا
000 000 000
وإنْ مـررتَ بنجْـدٍ سَـلْ يَمَامَتَهــــا
وسَلْ حَنِيفَـةَ مَن كنَّـا ومَن فينــــــا؟
مَـن كـان يحمـل ذاك اليوم رايتنـا
وكان ساقاه تحـت الرَّمْـل عُرْجُونا؟
مَن قال: ألقُـوا على الأسْوار بَازكُم؟
ففتْحُ أمنـع حصـن كان تمرينــا
مَـن قال حين رأى بالمسلمين وَهًى:
ألا اخلصـونا تروا غُرًّا ميامينــــا
فلـم تكـن لهـمُ إذُ ذاك ناهيــــــة
حتّى توافـوْا بباب الحصن يعدونــا
وأغلقـوا بابـه من بعـد ما دخلـوا
كَيْ لا يُشـاركهم في الفتح راجونـا
فإنْ تناسى بنوا الإسلام صولتنا
أرضُ اليمامة لا تنسى تسـامينــــــا
000 000 000
وسَـلْ إذا شئـت في أرجاء أنْدَلُـسٍ
عن آل نَصْـرٍ ومُلْكٍ كان ميمونـــا
فإنَّ عالِمهـم لا شـكّ يعرفنـــا
وإنّ غِرْنَاطـةً لا شـكَّ تبكينـــــــــا
تبكي مجالس علم كان يحضرها
من أل نصْـرٍ نجوم الدهر تحسينـا
تبكي ليـاليَ فَـنٍّ كان يعمرهـا
بالشعر والنثر أفذاذُ المجيدينــا
تبكي روائع نقـش كان أبْدَعها
فخرُ الحضارة إتقانا وتزيينــــــــا
تبكي شـواطىء أنهار جريْن بها
تبكي بساتينها تبكي الرياحينا
فإنْ تناسـى بنوا الإسلام دولتنا
فإنَّ حَمْـرَاءَنَا في الغرب تطرينا
000 000 000
وسَـلْ بتِمْبَكْتُ مَـن لاقيتَ أين ثوى
مجدُ تليدٌ؟ وأين المستنيرونـا؟
وأين صار بنوا نصْرٍ وقد نزحوا
من أرض أنْدَلُسٍ؟ حتى تلاقينـا
فـإنْ لقيتَ بني نَصْـرٍ لقيتَ بهم
أصل العروبة والإسلام مضمونا
لقيتَ سعْدا وقيسا وابن خيثمة
وجابرا ومعـاذا وسـط نادينــا
فإنْ تناسى بنوا الإسلام سيرتنا
فأرضُ تِمْبَكْـتُ لا تنسى مغانينا
000 000 000
وعـد إلى أُمِّنَا أرض الجزيرة عُـدْ
إلى الرياض وسَلْ عنّا المُوالينا
سـلِ المساجد عنّا مَن يؤمُّ بها؟
ومَـن يشنفهـا ذكـرا وتبيينـــــا؟
سـلِ المنابر عنا فهْـيَ تعرفنا
نفصِّلُ الحـقّ قرآنـا ومسنونـــا
سـلِ المآذن عنا كيف نُصْعِـدُها
{الله أكبر} ترديـدا وتلحينـــــا؟
سلِ المربين وسـط الجامعات هنا
عن فِتيَـةٍ من بني نصْـرٍ مُجِـدِّينا
وسلْ طريق حجازٍ كم نسير بهـا؟
لعمـرةٍ أو لحجٍّ أو تمَشِّينـــــا
وسـلْ بلاد قَصِيمٍ كم نمـرُّ بها
نحـو المدينة نُدنيهـا فتُدنينــــــا؟
إنَّـا لمِن معشـرٍ تكون راحتهم
بين المشـاعر ترويحـا و توطينــا
إنْ عاش وَغْـدٌ دَعِيٌّ من تَسَوُّلِه
فعيشنا من جنى غـرسٍ بأيدينـا
فإنْ تناسى بنوا الإسلام رِقَّتَنا
إنَّ الجـزيرة لا تنسى تصافينا
000 000 000
يا طيبـة النصر قد جئنا فحيينا
إنْ كنتِ طيبة للأبنــا تحنِّينــا
أتذكـرين بنيـكِ {آل ساعدة}
أهـل الجفان ثمال المستميحينا؟
أما رأيتِ على وجهي ملامحهم؟
أمـا رأيتِ خصال الخزرجيينا؟
أترفضين بنيك من سموْتِ بهم؟
وتعطفين على بَـوِّ اللصيقينـا
أرى طوائف شتى قـد فتحتِ لهم
قلبا رَءُوماً ونارُ الهجر تكوينا!!
فمـا قلينـاكِ إذْ قُـدنا الفتوح ولا
كنّـا تركنـاكِ إلاّ مستجيبينـا
أشاخ قلبك أم قد زاغ طـرفك أم
قد طاش عقلكِ من دعْوى المضلّينا؟
إنَّ الغـرام وهـذا العشـق أُعلنـه
للأُمِّ طيبـة دومـا لو تُجـازينـــا
إنَّ الفـؤاد دوامـا قـد تقاسمـه
حبـي لطيبـة مَـعْ حبي لأهلينـــا
فلا مكان بقلبي كي يحـلُّ به
حـبٌّ لليلى ولا حـبٌّ لنسرينــــــا
والحـبُّ في القلب طَبْـعٌ ما تصَنَّعَه
وأصـدق الحبّ ما تطويه مكنونا
حـبُّ التصَنُّـع لا تخـفى نهايتـــه
إلاَّ على أحمـقٍ قد عـاش مغبونا
أوقفـتُ شعـري عـلى حُبِّي أردده
ذِكْـرُ الحبيب ســلامٌ للمحبينا
حـبُّ المدينـة يسـري في مشاعرنـا
أشعـارنا فيه غنَّـاهـا مغنينا
يا ليت شعريَ هل أحظى بها سكنا؟
مجـاورا سيدي خير النبيّينا
ربَّــاه أبعـدتنا عنهـا فعــاد بنا
شـوق سُقينــاه ميراثــا وغُذِّينا
يسـرْ إلى طيبـةٍ ربَّــاهُ عودتنـا
ويسر الله أنْ يعـود ماضينــــــا
الشاعر الأنصارى الخزرجى
*أحمد بن عبد الله بن محمد الأنصاري .
[/center]