سأتناول من هذه اللطائف اللغوية اربعاً فقط، والسبب انها شائعة جداً ومتداولة على الألسنة والاقلام، فاللطيفة الاولى هي: (الكلمة وما تعني) والثانية هي (الآية وما تعني)، وسوف أؤجل الثالثة والرابعة وهما (السورة وما تعني) و(سورة العذاب وما تعني)؛ لأن زاوية شيء من اللغة ذات حجم محدد ولا تتسع للأربع دفعة واحدة.
ان هذه الأربع مرتبطة كل الارتباط بحياة العرب والمسلمين، انها جزء من الرباط المعنوي، وهي قوية مؤثرة، ولا يخلو مجلس منها، كلنا مرتبط بالكلمة والسورة.
وأبدأ بالآية، لقد حملت هذه الكلمة معاني جميلة، قالت العرب إن الآية هي الجمال، وقالت ايضاً: إن فلاناً آية في العلم والجمال، وقد انشد الشاعر العربي:.
آية في الجمال ليس له في الـ.
حسن شبه وما له من نظير.
وقد تكون بمعنى العلامة، ومنه قوله تعالى: ''إن آية ملكه ان يأتيكم التابوت'' كما ان العرب والمسلمين الحقوا بكثير من الكلمات معاني جديدة، فقالوا: الآية تعني مجموعة من كلمات القرآن الكريم، وهي تعد جزءاً من السورة، وهي علامة صدق للنبي (ص)، لم يكن هذا المعنى موجوداً من قبل، فلم تكن الآيات تعني الا الجمال او العلامة، وقد انطبق المعنيان على الآية في كتاب الله.
وأما الكلمة فالغريب ان تكون بمعنى الجرح، وقد فسّر بعضهم كلمة (تكلمهم) الواردة في قوله تعالى: ''اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم'' تجرحهم، وقرئت ايضاً تكْلمهم أي تجرحهم، وقال عنترة يصف شدة حصانه وصبره ''تعاوره الكماةُ مُكَلَّم''، واستطيع أن اقول إن العلاقة بين الكلمة كجرح وقول، ان الجرح مؤلم ومؤثر وضار ونافع، وكذلك الكلمة التي في موضعها فهي مؤثرة ومفيدة وضارة، ويجب استعمالها بهذه الاهداف التي لها، وجمعها كلام وكلم لكن الكلام يدل على الكثير والقليل، فالكتاب كلام وجملة الحمد لله كلام، وأما الكلم فيدل على القليل فقط، قال أحد علمائنا الكرام، ما الكلم؟ إنه الاسم والفعل والحرف، استعمل الكلِم عند التقليل، فالكلام للكثير والقليل، والكلم للقليل فقط.
وقد تأثرت في هذه اللطائف بالمعنى المادي للكلمة والمعنى العادي لها، ولذلك رأيت ان أنهي هذه المقالة بقول الشاعر كثيّر عزة:.
لو يسمعون كما سمعت كلامها ؟ خروا لعزة ركعاً وسجوداً.
يبالغ بالتأثير، ولو خففتَ أيها الشاعر لكان أولى، ولكن الشعراء في كل واد يهيمون.