التفكير عملية يقوم بهــا الطفل عند مواجهة موقف جديد أو معقد ، أو عندما يواجه مواقف متكررة ، ولكن يكون التصرف في هذه الحالة تبعاً للتعود.
ومن الصعب أن تتكهن بتصرفات طفلك تجاه المواقف الجديدة ، فهو في بداية حياته ، ولم يكوّن بعد خبرات تجاه المواقف الجديدة عليه ، كما أنه بالكاد بدأ في الكلام والتعبير بأسلوب واضح فالطفل حتى 4 سنوات يكون عقله بمثابة جهاز تسجيل لتخزين كل التصرفات والأحداث التي تمر أمامه ، وتبعاً للبيئة التي يعيش فيها.
ولكي تـتـعرف على أسلوب تفـكـير طفـلك ، ومدى صوابه - جرب أن لا تقـدم له كـل ما يريــده في يــده ، مثلاً: ضــع أشياءه الخاصــة في غير أماكنها التــي يعرفهـــا ، وعندمــا لا يجدها ، لاحظ كيف سيتصرف: هل سيبحث عنها بمفرده؟ هل سيسألك عنها مباشرة ليوفر على نفسه العناء؟ هل سيطلب منك أن تشاركه البحث ، أم سيغضب لاختفائها ، وقد يبكي ويصرخ بدلاً من البحث عنها ، وبعد أن يجدها هل سيعيدها مرة أخرى إلى مكانها السابق؟ أم سيرضى عن المكان الجديد؟
مــن خــلال تصرفــات طفلك يمكنك أن تعرف كيف يفكر ، وهل هو شخص هادئ - ذكي - أو عنيف - كسول - عنيد...؟
شجع طفلك ليكوّن شخصيته
إن أول أشخــاص يمكنهــم التأثير في شخصيــة الطفــل ، هـما الأبوان ، فلو كنت تتصرف بأسلوب ما في موقف معين ، فسيتصرف طفلك مثلك تماماً. انظر لطريقة تناولك للطعام ، طريقة كلامك ، طريقتك وأنت تسير ، وأنت جالس تقرأ الجريدة ، قد لا تلفت نظرك هذه الأشياء ، ولكنك عندما ترى طفلك يتناول طعامه بنفس الأسلوب ، ويجلس كما تفعل ، فسترى نفسك فيه ، وستدهش وتسأل نفسك: هل أنا أقوم بهذه الأشياء بالفعل؟، وعلى نفس النهج أسلوب كلامك ، مناقشتك للأمور ، غضبك ، عصبيتك ، هدوءك.
وعادة يتأثر الطفل بشخصية أحدكما أكثر من الآخر ، فيكتسب بعض الصفات ، ويمزجها بأسلوبه وشخصيته ، وهنا تبدأ شخصيته في الظهور بشكل محدد.
فابــدأ معــه مــن البدايــة ، فهــو سيخطئ كثيراً ، وسيتصرف على نحو لا يرضيكما ، وسيتشبث برأيه في أكثر الأحيان ، وسيطلب منكما أن تلبيا له كل طلباته. ولكن لا تجعل - أبدأ - شخصية طفلك تطغي على كلامك وتوجيهاتــك وأوامـــرك ، بل لابد أن تكون أنت صاحب الكلمة ، وبخاصة في الأمــور التــي قــد تضر بالطفل ، ولابـــد أن يحترم كلامك وتوجيهاتك من البداية.
وينصح خبراء علم النفس بأن أسلم طريقة لتوجيه الطفل ، وفي الوقت نفسه لمساعدتك على فهمه ، هي أن تضع نفسك مكانه ، حاول أن تفكر بنفس أسلوبه في كل موقف يواجهه ، فعندما يبكي متشبثاً بك عند ذهابك إلى العمل ، فلا تزجره وتعنفه ، أو تخرج من البيت خلسة دون أن يراك ، بل فكر في أن تصرفه هذا يدل على أمرين:
- أنه يحبك ، ويحب أن يكون معك.
- أنه يحب الخروج لأنه سيرتدي ملابس الخروج التي يحبها ، وسيركب السيارة ، وسيشاهد أناساً آخرين ، وسيلعب ويجري..
هذا رغم أنك ذاهب إلى عملك ، وليس إلى نزهة ، ولكن هذا هو أسلوب تفكــير الطفــل، ودورك هــو أن تشــرح لــه المكان الذي ستذهب إليه ، وماذا ستفعــل ، ومتــى ستعــود. كل هذا بأسلوب بسيط يستوعبه الطفل ، وقد لا يفهــم كــل كلامــك في الـمـــرة الأولــى والثانيـــة ، ويظل يبكي ، ولكنه سيفهم في المرات التالية ، وستجده يفرح عند ذهابك إلى العمل لأنه يتوقع منك هدية عند عودتك، وبالتدريج لن يحتاج إلى الهدايا ، وسيعتاد كل هذه الأمور.. وغيرها.
علًّــم طفلك كيفيــة اتخــاذ القــرار ، وتحمل المسئولية من صغره ، مثلاً: عند ارتداء ملابسه ، لا تظن أنه لن يفهم في الألوان أو في الموديلات ، بل قد تلاحظ أنه يميل لارتداء قطعة من ملابسه ، أكثر من الباقي ، ويفضل حذاء بعينه ، ولا يحب ارتداء باقي الأحذية.. فهنا يبرز الذوق الخاص للطفل ، كما ستلاحظ أن طفلتك رغم صغر سنها - تهتم باختيار قطع الحُلـــي الصغيـــرة الملونــــة ، التــي تضعهـــا في شعرهــــا ، أو في يديها ، أو في أصابعها ، وقد تدهش الأم من سلوك الطفلة لظنها أنها مازالت صغيرة على هذا السلوك،
لن تلاحظ أن طفلك كبر فجأة ، وبدأ في طرح أسئلة لا تتوقعها ، كما أنه يتكلم ، ويتناقش معك مثل الكبار،
فهو يحب أن يعرف كل شيء ، ودائماً يسأل: لماذا ، كيف؟ ، فلا تهرب من الإجابة ، ولا تستهن بعقله ، بل يمكنك إخباره بكل شيء حسب قبوله وفهمه ، وبأسلوب بسيط ، ومقنع.
دع طفلك يشاركك التفكير في حل مشكلة معينة ، وبالطبع مشكلة بسيطة ، اجعلــه يشعــر بأهميتــه ، وأهميــة أن يفكــر ، فــلا يشـب منقاداً أو معتمـداً علــى الآخريـــن ، ليفكروا لــه ، أو بليداً لا يحب أن يرهق نفسه في التفكير.
إذا كنت بصدد إلحاق طفلك بالحضانة ، فهيئ عقله ، وتكلم معه كثيراً عن المكان الذي سيذهب إليه ، والأطفال الآخرين ، وكل ما يتعلق بحياته الجديدة،
ولا تصفه - أبداً - بأنه الأفضل من أقرانه ، أو الأذكى ، بل عندما تمتدحه ، امدحه هو دون مقارنته بالآخرين ، حتى لا يشب وهو يشعر بالكبرياء أو التميز عن الآخرين ، فيشعر بالغربة ، ويبتعد عنه زملاؤه ، نتيجة سوء معاملته لهم.
يشكو الكثيرون من الآباء من أنهم لا يستطيعون اصطحاب أطفالهم إلى زيارة الأصدقاء أو الأقارب نتيجة سوء سلوكهم ، وتصرفاتهم السيئة عنــد الغربـاء ، ولكــن الأطفـال يتصرفـون هكــذا ، نتيجــة تهــاون الآبــاء في تعليمهــم ، وتربيتهم ، فيجب أن ننبه الطفل ، ما دام باستطاعته الفهم ، إلى أن يسلك سلوكاً طيباً عند الناس ، ونشجعه بمكافأة إذا تصرف بشكل جيد ، أو بعقابه إذا لم يمتثل لتوجيهاتكما ، وحرمانه من نزهة أو شيء يحبه ، وذلك حتى يتعلم السلوك اللائق.
والهدية أو المكافأة ليست رشوة ، بل هي أسلوب لتقريب وتبسيط الفكرة عند الطفل ، لكي يحبها ويتمسك بها ، وبالتدريج سيعتاد السلوك الطيب دون مكافآت.
عندما تخرج لشراء لوازم البيت من السوبر ماركت ، فاشرح لطفلك الغرض من الذهاب والأشياء التي ستشترونها ، واجعله يختار معك ويعرف فائدة كل شيء بالنسبة له ولكما ، حتى لا يتشبث بكل ما تمتد إليه يداه دون أن يفهم. وإذا صرخ أو بكى وهو يمسك بلعبة أو قطعة حلوى ، فلا تُحرَج فتشتريها له ، بل خذه بهدوء واشرح له أسباب عدم شرائك لها ، مثلاً لعدم كفاية المال لديك ، أو لوجود مثلها في البيت.. وهكذا.
والطفل بالطبع لن يفهم ويتعلم من المرة الأولى ، ولكن كلما تكلمت معه ، وشرحت له كل شيء دون الاستهانة بعقله وفهمه ، يستطيع هو أن يتعلم السلوك اللائق ، ويتعود على أن يفكر ويستخدم عقله ، بدلاً من الصراخ والبكاء ، ولن يحرجك كلما خرجتما سوياً.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]