طريقة ننمي الثقافة الدينية للطفل
يولد
الأطفال وهم كالصفحة البيضاء ، لا يكدر صفاء فكرهم ونقاء اتجاهاتهمشيء ،
يحملون جميع معاني الطهر والبراءة ، ويتحمل الآباء والمربون مسؤوليةملء هذه
الصفحة بالأفكار السليمة التي تؤهل هؤلاء الأطفال ليكونوا شباباذوي
إنتاجية فعالة في المجتمع ، وسببا من أسباب تقدمه ورُقيّه ، وتعتبرالثقافة
الدينية من أهم ما يتوجب على الآباء والمربين غرسه في نفس الطفل ،لأنها
أساس الثقافة ومنبع السلوك القويم .
ما هي الثقافة الدينية المطلوبة ؟نقصدبالثقافة
الدينية للطفل ، غرس مبادئ العقيدة الصحيحة ، ورفع المعانيالإيمانية
، وتبصير الطفل بنعم الله تعالى ، وعجائب قدرته ، وإبداعه فيخلقه ،
واتصافه بصفات الكمال .
كما
تشمل تعليم الطفل مبادئ الأحكام الفقهية ، وتبصيره بالحسن والقبيح منالأعمال
والأخلاق ، وتنوير فكره بسيرة الرسول – صلى الله عليه
وسلم – وسيرالأئمة والصالحين ، بما يتناسب مع مداركه العقلية ،
واستعداداته الفكرية .
بالإضافة
إلى توعيته بما يدور حوله ، وما يحيط بالمسلمين من أخطار ، ومآس، وتبصيره بكيد أعداء المسلمين ،
وحقدهم على المسلمين ، فاليهود والمجوسوغيرُهم ، لا يألون جهدا في تلقين أطفالهم ،
الحقدَ على الإسلام والمسلمين،
وغرس مبادئ أديانهم الضالة في نفوسهم ، فلماذا ينشأ الطفل المسلم في وادوواقع
أمته في واد آخر ؟ .
ولا يعني ذلك إبعادُه عن
العلوم الدنيويةالضرورية لخدمة المجتمع والأمة ، فإن ذلك من صلب الثقافة
الدينية ، ومطلبمن مطالب الشريعة .
أهمية غرس الثقافة الدينية في مرحلة الطفولة :أولا
: مرحلةُ الطفولة مرحلة
صفاء وخلو فكر ، فتوجيه الطفل للناحية الدينية يجد فراغاً في قلبه ، ومكانا في
فكره ، وقبولا من عقله .
ثانيا
: مرحلة الطفولة مرحلة
تتوقد فيها ملكات الحفظ والذكاء ،ولعل ذلك بسبب قلة الهموم ، والأشغال التي
تشغل القلب في المراحل الأخرى ،فوجب استغلال هذه الملكات وتوجيهها الوجهة
الصحيحة .
ثالثا
: مرحلة الطفولة مرحلةُ
طهر وبراءة ، لم يتلبس الطفل فيهابأفكار هدامة ، ولم تلوث عقلَه الميولُ
الفكرية الفاسدة ، التي تصده عنالاهتمام بالناحية الدينية ، بخلاف لو بدأ
التوجيه في مراحل متأخرة قليلا،
تكون قد تشكلت لديه أفكار تحول دون تقبله لما تمليه الثقافة الدينية
.
رابعا
: أصبح العالَم في ظل
العولمة الحديثة ، كالقرية الصغيرة ،والفردُ المسلم تتناوشه الأفكار المتضادة
والمختلفة من كل ناحية ، والتيقد تصده عن دينية ، أو تشوش عليه عقيدته ،
فوجب تسليح المسلمين بالثقافةالدينية ، ليكونون على بصيرة من أمرهم ،
ويواجهون هذه الأفكار ، بعقولواعية .
خامسا
: غرس الثقافة الدينية
في هذه المرحلة يؤثر تأثيرا بالغا فيتقويم سلوكه وحسن استقامته في المستقبل ، فينشأ
نشأة سليمة ، باراًبوالديه ، وعضواً فعالا في المجتمع
.
سادسا
: الأبناء رعيةاسترعاهم
الله آباءَهم ، ومربييهم وأسرهم ، ومجتمعهم ، وهؤلاء جميعا ،مسئولون
عن هذه الرعية ، ومحاسَبون على التفريط فيها ، كما أنهم مأجورونإن هم
أحسنوا وأتقنوا .
المؤثرات التي تؤثر على الاتجاهات الثقافية للطفل:تتأثر الميول الثقافية
للطفل بعوامل عدة داخلية وخارجية من أهمها :
(1) الميول الثقافية
للوالدين، فإن ميول الطفل
الثقافية تكون تبعاً لميول والديه غالبا ، فإذا اعتنىالوالدان بثقافتهم الدينية ، وجعلا لها جزءا
من وقتهما وجهدهما ، فإن ذلكسينعكس بلا شك على اهتمام الطفل بهذه الناحية
، أما إذا كان الوالدان لايهتمان إلا بالعلوم الدنيوية البحتة ، وتدبير
أمور الشهوات والمصالحالعاجلة ، وكان حديثهم ليل نهار يدور حول
أنواع السيارات والهواتف ،والعمارات والمنشآت ، والقيل والقال ، أو كان
اهتمامهما بالأمور التافهةأو المحرمة - والعياذ بالله - ويعيشان في
غفلة عن علوم الآخرة ، كما قالتعالى : { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون} ،
فإن ذلك سيؤثر سلبا على ميل أبناءهما للناحية الدينية ، فكم من أطفالتعلموا
الرذائل وقبائح الأخلاق ، رأوها من والديهم في مرحلة الطفولة
– ظناً من أولئك الآباء
أن الطفل لا يعي مثل هذه الأمور في هذه المرحلة .
(2) إثارة الخلافات العائلية والمشاكل الأسرية
أمام الأبناء، فهذايعكر
صفاء تفكيرهم ، ويشوش صفاء أذهانهم ، وتشتت اهتماماتهم الثقافية ،فيجب إبعاد
الطفل عن مثل هذه الأجواء ، بحيث ينفرد الوالدان في مكان خاصلحل
المشاكل التي قد تحدث بينهما .
(3) الإعلام ، وبرامج التلفزة المختلفة، تزرع في نفس الطفلاتجاهات
فكرية متعددة ، فيجب إبعاد الطفل عن البرامج التي تشوش فكرهالديني
، وتعكر صفاء عقيدته ، وتغرس فيه نواح فكرية مضادة للسلوك الإسلاميالقويم
بطريق مباشر أو غير مباشر .
(4) الأصدقاء والأصحاب،حيث يتأثر الطفل باتجاهاتهم الفكرية تأثرا
بالغا ، فيجب اختيار القرينالعالي الهمة ، وإبعاد الطفل عن مصاحبة ذوي
الاهتمامات التافهة ، ومن هناتأتي أهمية اختيار الجيران الذين يرتضي
الإنسان العيش بقربهم ، ويرتضيلأولاده مخالطة أترابهم من تلك الأسر
.
(5) الاهتمامات الفكرية السابقة لأوانها، فينبغي عدم التحدث عنالأمور
العاطفية أو الجنسية ، أو قضايا الشباب والمراهقين ، حتى لا تتولدلديه
أفكار لم يحن أوانها ، تبعده عن الاهتمام بالثقافة الدينية المطلوبة
.
(6) الاهتمام باللهو
والغناء، فلا بد من إبعاد
الطفل عنالاستماع للأغاني وآلات اللهو ، التي تورث فيه الميوعة ،
وتغرس فيه بذورالعشق والغرام ، وتصده عن ذكر الله ، قال تعالى
: { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن
سبيل الله.
وسائل تنمية الثقافة الدينية للأبناءهناك العديد من الأساليب
والوسائل لتوصيل المعلومة الدينية للطفل ، والسمو بمستواه الثقافي في هذا الجانب ،
ومن أهمها :
أولا : التلقين المباشر، ويتمثل في تلقين الطفل ، وتحفيظه
سور القرآن الكريم ، إما عن طريقاستماع الطفل لترديد الوالدين سور القرآن
الكريم ، أو ترديد الطفل خلفهما،
أو الاستعانة بالوسائل الحديثة في ذلك ، كالأشرطة السمعية للقراء الصغارالذين
تميل نفوس الأطفال لقراءتهم ، فالقرآن الكريم أو ما ينبغي أن يلقنالطفل ،
لقوله – صلى الله عليه وسلم-
علموا
أولادكم القرآن فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو.
وقدأثبتت
بعض الدراسات الحديثة أن الطفل يلتقط ويحفظ ما يردد عليه في مرحلةمبكرة
جدا ، حتى وهو جنين في بطن أمه في أشهر الحمل المتأخرة ، وقد عمدتإحدى
الأمهات إلى الاستماع للقرآن الكريم ليل نهار ، أثناء الأشهرالمتأخرة
من حملها ، فكانت النتيجة ، أن حفظ طفلُها القرآن الكريم في سنمبكرة
جدا بفضل الله تعالى .
بالإضافة إلى تلقينه
الشهادتين ، وبعضالمعلومات العقدية المبسطة ، وتلقينه بعض أحاديث الرسول
– صلى الله عليهوسلم – وبعض الآثار القصيرة التي أُثرت عن أهل العلم ،
حتى ترسخ في ذهنهوتعلي همته وتهذب سلوكه في المستقبل
.
ثانيا :
إقامة مكتبة خاصة بالأطفال في المنزلتحتوي على ما يتناسب مع مداركهم وحاجتهم
الثقافية ، ويراعى فيها الآتي :
· الاهتمام بالناحية القصصية ، وذلك بأن تكون المكتبة
محتوية على قصص منسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسير الأئمة
والصالحين ، لأن القصصسرعان ما تعلق في ذهن الطفل ، لتكون مواقف
أولئك قدوة للطفل في سلوكه فيالمستقبل .
·التنوع والتجديد : فالاهتمام بجانب واحد ، أو إهمال
التجديد فيالمكتبة ، يؤدي إلى ملل الطفل ، وسأمه من القراءة ،
فينبغي أن تحتويالمكتبة بالإضافة إلى الناحية القصصية ، كتيبات مبسطة
تهتم بتهذيب الناحيةالأخلاقية ، وتجدد من وقت لآخر ، حسب حاجة الطفل
.
·الألوان الجذابة : فلا بد من اختيار الألوان التي تشد
انتباه الطفل ،وتثير اهتمامه ، حتى تنفتح نفسيته للقراءة ، وتعطيه
انطباعا جيدا عنالمكتبة ويحرص على وقتها .
·التنظيم : فيوضع كل مجال في رف خاص به ، حتى لا يتشتت
ذهن الطفل ، وتختلط عليه المفاهيم ، وليتعود على النظام في كل شيء
.
·لا بد من احتواء المكتبة على الأشرطة السمعية الخاصة بالأطفال
،كأناشيد الأطفال ( مثل أناشيد أركان الإيمان وأناشيد أركان الإسلام ، وسبحالطير ،
وأناشيد حسان ، وأناشيد أروى ) ، وأشرطة القرآن بأصوات القراءالمحببة
للطفل ، وأشرطة القصص المبسطة ، بالإضافة إلى الأفلام الإسلاميةالخاصة
بالأطفال .
·ينبغي أن تحتوي المكتبة على الوسائل الحديثة لتوصيل
المعلومة ، كعلبالفك والتركيب ، وبطاقات المعلومات التي تحتوي على
المعلومات الدينيةالحديثة ، والمطويات ، وبطاقات الأسئلة المبسطة الخاصة
بالأطفال .
·تخصيص وقت خاص بالمكتبة ، ويكون اختياره حسب فراغ الطفل
، ووقت تقبله، ولا يجبر على وقت لا
يحب القراءة فيه ، ويتابع يوميا في ما قرأه ،ويناقش فيه ، ليشجع على المزيد والمواصلة
.
·ينبغي أن تكون المكتبة في غرفة مستقلة يتوفر فيها الهدوء
، والتنظيم ، والجو المناسب ، ووسائل الراحة .
ثالثا :
إقامة المسابقات الدينية بين الطفل وإخوانه أو جيرانه،ويمكن
استخدام بطاقات الأسئلة والأجوبة في ذلك ، أو إشراك الطفل فيالمسابقات
العامة ، أو المسابقات الثقافية التي تقيمها الأندية ، والمراكزالصيفية
.
رابعا :
تعليق لوائح وملصقاتتحتوي على آيات قرآنية ، وأحاديثنبوية ،
وأقوال مأثورة عن الأئمة والصالحين ، ومعلومات دينية أخرى ، حتىتعلق في
ذهن الطفل لكثرة تردده عليها ، وتجدد من وقت لآخر .
خامسا :
اصطحاب الطفل لزيارة مشايخ،
وطلبة العلم ، حتى يتعود علىمجالسة أهل العلم ، ويتعلم من ثقافاتهم ،
ويميل إلى سلوكهم ، ويتعلم حسنالاستماع ، وطرق السؤال والاستفتاء ، وتترسخ
الجدية في قلبه ، واصطحابهإلى المساجد ، وحلقات العلم ، ليتعود
الاستماع إلى القرآن الكريم والدروسالعلمية .
سادسا :
تذكير الطفل دائما بفضل العلم،
وعظم أجر العالم وطالب العلم ، ومكانتهم ، والإشادة بمواقف العلماء ، وعظم منزلتهم
.
سابعا :
التشجيعبنوعيه المادي والمعنوي ، كإطراء الطفل – بدونمبالغة
– أمام إخوانه وزملائه ، والإشادة بما حققه في المجالات الثقافية ،وتشجيعه
على المواصلة والاستمرار ، أو بالتشجيع المادي كأن يخصص لكل سورةأو حديث
أو حكمة يحفظها ، جائزة مادية معينة مشجعة .
ثامنا :
محاولة المربي اكتشاف نواحي الإبداع عند الطفل،
وتشجيعه على المحاولة ، وطرق أبواب المحاولة في مختلف الفنون الثقافية ، وتشجيعه
على إبداعاته مهما كانت صغيرة.